الحب الذي نريد
أ.د. محمود نديم نحاس
هذه رسالة جاءتني بالبريد الإلكتروني ولعلها وصلتكم أيضا، وهي منقولة عن ممرض يعمل في طوارئ أحد المستشفيات، إذ دخل عليه في الثامنة والنصف صباحا رجل يناهز الخامسة والستين من العمر لإزالة بعض الغرز من يده، وذكر أنه في عجلة من أمره فهو على موعد في التاسعة.
فتحدث إليه الممرض وهو يزيل الغرز، وسأله عن طبيعة موعده؟ فأجاب بأنه يذهب كل صباح إلى دار الرعاية لتناول الإفطار مع أمه التي تجاوز عمرها الخامسة والثمانين، وهي مصابة بالزهايمر. فسأله الممرض : وهل ستقلقُ لو تأخرتَ عليها قليلا ؟ فأجاب : إنها لم تعد تعرف من أنا منذ خمس سنوات مضت! فسأله: ومازلتَ محافظاً على موعد الإفطار معها ؟ فقال الرجل : هي لا تعرف من أنا ، ولكني أعرف من هي.
يقول الممرض: اضطررت لإخفاء دموعي حتى رحيله ، ثم قلت لنفسي : هذا هو نوع الحب الذي نريده. ودموعه التي أخفاها تذكرني بأب حنون أخفى دموعه وهو يودع أولاده بعد أن ركبوا الحافلة متجهين إلى بلدهم حيث اضطر أن يتخلف عنهم لبعض الوقت. ذلكم هو شاعر الإنسانية عمر بهاء الأميري الذي أقتطع من قصيدته الرائعة بعنوان "أب" هذه الأبيات :
دمعي الذي كتمته جَلَداً لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا من أضلعي قلباً بهم يجبُ
ألفيتُني كالطفلِ عاطفةً فإذا به كالغيث ينسكبُ
قد يعجبُ العُذَّال من رجلٍ يبكي ولو لم أبكِ فالعجبُ
هيهات، ما كُلُّ البُكا خَوَرٌ إني، وبي عزمُ الرجالِ، أبُ
ومن غرائب القصص أن حكيماً رأى عقرباً وقع في الماء وأخذ يتخبط محاولا أن ينجو من الغرق ، فأنقذه الحكيم ونال منه لسعة ! فلامه رجل على فعله ، فأجابه : من طبع العقرب أن يلسع ، ومن طبعي أن أحب وأعطف.
وهذه القصة تذكرنا بما فعله القائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله مع ريتشارد قلب الأسد ، قائد الحملة الأوروبية الصليبية على الشرق الإسلامي، حيث أرسل صلاح الدين طبيبه ليداوي ريتشارد وجنده. لقد عاملهم بأخلاقه لا بأخلاقهم ، ولم يتْرك صفَاته الحسنة لان عدوه لا يستحق تصرفَاتِه النَبيلة؟.
ومن أروع ما قرأت في هذا المجال مقالاً للدكتور ميسرة طاهر بعنوان : هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب؟.
ترى بعض الناس يضعون باقة ورد على قبور من يلوذون بهم (ولعل هذا مأخوذ من الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم غرس عسيباً رطباً لعله يخفف عن المقبور ما لم ييبس)، لكن أليس الأَوْلى أن يقدم أحدنا الورود لهم وهم أحياء؟.
ماذا تفعل عندما يتصل بك أحدهم ليقول لك : توفي فلان ؟ إنك تسرع لتساهم في تشييعه إلى مثواه ، وربما تذرف الدموع ، ثم تتذكر أنك لم تزره منذ كذا وكذا من الأشهر. ولم يبقَ إلا الذكريات. فلماذا لا نزور أقاربنا وأحبابنا ومن يلوذ بنا قبل فوات الأوان؟ لاسيما ونحن على يقين بأن الكل ذاهبون
أ.د. محمود نديم نحاس
هذه رسالة جاءتني بالبريد الإلكتروني ولعلها وصلتكم أيضا، وهي منقولة عن ممرض يعمل في طوارئ أحد المستشفيات، إذ دخل عليه في الثامنة والنصف صباحا رجل يناهز الخامسة والستين من العمر لإزالة بعض الغرز من يده، وذكر أنه في عجلة من أمره فهو على موعد في التاسعة.
فتحدث إليه الممرض وهو يزيل الغرز، وسأله عن طبيعة موعده؟ فأجاب بأنه يذهب كل صباح إلى دار الرعاية لتناول الإفطار مع أمه التي تجاوز عمرها الخامسة والثمانين، وهي مصابة بالزهايمر. فسأله الممرض : وهل ستقلقُ لو تأخرتَ عليها قليلا ؟ فأجاب : إنها لم تعد تعرف من أنا منذ خمس سنوات مضت! فسأله: ومازلتَ محافظاً على موعد الإفطار معها ؟ فقال الرجل : هي لا تعرف من أنا ، ولكني أعرف من هي.
يقول الممرض: اضطررت لإخفاء دموعي حتى رحيله ، ثم قلت لنفسي : هذا هو نوع الحب الذي نريده. ودموعه التي أخفاها تذكرني بأب حنون أخفى دموعه وهو يودع أولاده بعد أن ركبوا الحافلة متجهين إلى بلدهم حيث اضطر أن يتخلف عنهم لبعض الوقت. ذلكم هو شاعر الإنسانية عمر بهاء الأميري الذي أقتطع من قصيدته الرائعة بعنوان "أب" هذه الأبيات :
دمعي الذي كتمته جَلَداً لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا من أضلعي قلباً بهم يجبُ
ألفيتُني كالطفلِ عاطفةً فإذا به كالغيث ينسكبُ
قد يعجبُ العُذَّال من رجلٍ يبكي ولو لم أبكِ فالعجبُ
هيهات، ما كُلُّ البُكا خَوَرٌ إني، وبي عزمُ الرجالِ، أبُ
ومن غرائب القصص أن حكيماً رأى عقرباً وقع في الماء وأخذ يتخبط محاولا أن ينجو من الغرق ، فأنقذه الحكيم ونال منه لسعة ! فلامه رجل على فعله ، فأجابه : من طبع العقرب أن يلسع ، ومن طبعي أن أحب وأعطف.
وهذه القصة تذكرنا بما فعله القائد صلاح الدين الأيوبي رحمه الله مع ريتشارد قلب الأسد ، قائد الحملة الأوروبية الصليبية على الشرق الإسلامي، حيث أرسل صلاح الدين طبيبه ليداوي ريتشارد وجنده. لقد عاملهم بأخلاقه لا بأخلاقهم ، ولم يتْرك صفَاته الحسنة لان عدوه لا يستحق تصرفَاتِه النَبيلة؟.
ومن أروع ما قرأت في هذا المجال مقالاً للدكتور ميسرة طاهر بعنوان : هل أعلمه الأدب أم أتعلم منه قلة الأدب؟.
ترى بعض الناس يضعون باقة ورد على قبور من يلوذون بهم (ولعل هذا مأخوذ من الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم غرس عسيباً رطباً لعله يخفف عن المقبور ما لم ييبس)، لكن أليس الأَوْلى أن يقدم أحدنا الورود لهم وهم أحياء؟.
ماذا تفعل عندما يتصل بك أحدهم ليقول لك : توفي فلان ؟ إنك تسرع لتساهم في تشييعه إلى مثواه ، وربما تذرف الدموع ، ثم تتذكر أنك لم تزره منذ كذا وكذا من الأشهر. ولم يبقَ إلا الذكريات. فلماذا لا نزور أقاربنا وأحبابنا ومن يلوذ بنا قبل فوات الأوان؟ لاسيما ونحن على يقين بأن الكل ذاهبون
2012-09-02, 5:28 pm من طرف زائر
» هل تعلم أين نحن؟!
2012-09-02, 5:21 pm من طرف the happy flower
» بأي حال جئت يا عيد....!!!!
2012-08-24, 2:06 am من طرف VEER forever
» عيد سعيد !!!
2012-08-23, 1:24 am من طرف The UnKnown
» فوائد الرمان
2012-08-23, 1:24 am من طرف The UnKnown
» <<<<::: غرباء :::>>>>
2012-08-17, 4:10 am من طرف زائر
» ✿فلسفة النمل!!✿
2012-08-15, 11:38 pm من طرف The UnKnown
» كتابات مسلية
2012-08-15, 12:52 am من طرف The UnKnown
» أشياء أعجبتني
2012-08-14, 11:07 pm من طرف ffff